( أقسام الشرطية المتصلة )
قد علمتَ أن الشرطية قسمان: متصلة ومنفصلة، والمتصلة هي: ما حكم فيها بالتلازم بين قضيتين أو عدم التلازم بينهما.
ثم إن المتصلة نوعان:
1- لزومية.
2- اتفاقية.
فاللزومية هي: ما كان الحكم فيها لعلاقة توجبه.
أي أن الحكم بين المقدم والتالي واجب لوجود علاقة تقتضي ذلك الحكم كعلاقة العلية والسببية.
مثال: إذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود.
فالمقدم هنا وهو ( الشمس طالعة ) علة وسبب لحصول التالي وهو ( النهار موجود )
فهذه قضية لزومية لوجود العلاقة.
مثال: إذا سخُن الحديد فإنه يتمدد.
فهنا سخونة الحديد علة لتمدده فالتلازم والربط بين المقدم والتالي لعلاقة العلية فهي متصلة لزومية موجبة
مثال: كلما زالت الشمس عند الظهيرة وجبت صلاة الظهر.
فهنا زوال الشمس علة وسبب شرعي لوجوب صلاة الظهر فهي قضية شرطية متصلة لزومية موجبة.
فهذه أمثلة اللزومية الموجبة.
ومثال اللزومية السالبة: ليس متى طلعت الشمس، فالليل موجودٌ.
فهنا نفينا التلازم والاقتران بين ( طلوع الشمس ) و (وجود الليل ) ونفي الاقتران هنا حصل بسبب علة أوجبت ذلك وهي طلوع الشمس لأنها علة لعدم وجود الليل، فإنه متى طلعت الشمس انتفى وجود الليل فالمقدم سبب لعدم التالي فهذه شرطية متصلة لزومية سالبة.
مثال آخر: ليس إذا سخن الماء فإنه يجمد.
فهنا نفينا التلازم بين سخونة الماء وتجمده، لأن سخونة الماء علة لعدم تجمده، فهذه لزومية سالبة.
مثال آخر: ليس إذا جاء شهر شوال فالصيام واجب.
فهنا نفينا التلازم بين مجيء شهر شوال ووجوب الصيام لأن علة وجوب الصيام هو مجيء شهر رمضان فإذا انتفى هذا الشهر وجاء غيره لم يجب الصوم فهنالك علاقة بين كون الشهر غير رمضان كشوال وبين عدم وجوب الصيام فهي شرطية متصلة لزومية سالبة.
فتلخص أنه في اللزومية الموجبة يوجد اقتران بين المقدم والتالي نشأ بسبب علاقة بينهما.
وفي اللزومية السالبة يوجد افتراق بين المقدم والتالي نشأ أيضا بسبب علاقة بينهما.
والاتفاقية هي: ما كان الحكم فيها من غير علاقة توجبه.
مثال الاتفاقية الموجبة: كلما كان الإنسان ناطقا كان الفرس صاهلا.
فأي علاقة بين القضيتين ( الإنسان ناطق ) و ( الفرس صاهل ) وإنما اتفقا في الواقع أن وجدا سوية بتلك الأوصاف من غير أن تؤثر ناطقية الإنسان على صاهلية الفرس أو بالعكس.
مثال: إذا كان أبو بكر زوّج ابنته للنبي فعلي تزوج ابنت النبي.
فلا علاقة بين المقدم ( أبو بكر زوّج ابنته للنبي ) والتالي ( علي تزوج ابنت النبي ) صلى الله عليه وسلم وإنما توافقا في الواقع كذلك من غير علية ولا علاقة فهذه قضية شرطية متصلة اتفاقية موجبة.
مثال: إذا كانت الصلاة فيها تكبيرة الإحرام فالحج فيه طواف بالبيت الحرام.
فلا علاقة بين المقدم والتالي فهي اتفاقية موجبة.
ومن أمثلة الاتفاقية ما لو اقترن شيئان في الواقع كثيرا فيحسب الناظر أن بينهما علاقة وليس سوى الاتفاق من غير مناسبة بينهما.
مثال: لو أن زيدا كلما خرج من بيته رأى سيارة تمر من أمامه واتفق هذا دائما فيقال حينئذ:
كلما خرج زيد من بيته مرت السيارة من أمامه.
فهذه قضية شرطية متصلة اتفاقية موجبة.
ومثال الاتفاقية السالبة: ليس إذا كان الإنسان ناطقا يكون الفرس ناهقا .
فهنا نفينا الاقتران بين المقدم ( الإنسان ناطق ) والتالي ( الفرس ناهق ) ولا شك أن الفرس غير ناهق في الواقع وانتفاء الناهقية عنه لم ينتج من ناطقية الإنسان، بخلاف انتفاء الليل فهو ناتج من طلوع الشمس كما تقدم فتكون اتفاقية سالبة.
مثال آخر: ليس إذا كان الحج واجبا يكون الربا حلالا.
فهنا نريد أن ننفي الاقتران بينهما ونريد أن نقول إن وجوب الحج لا ينتج منه حلية الربا ولا علاقة بين وجوب الحج وانتفاء الحلية عن الربا فهي قضية شرطية متصلة اتفاقية سالبة.
مثال آخر: لو توهم شخص أنه إذا خرج إلى العمل وقد سمع نعيق الغراب فستحصل مصيبة ( التطيّر ) فيقول له الموحدُّ المتوكلُّ على ربه:
ليس إذا سمعتَ نعيقَ الغرابِ فستحصلُ مصيبةً.
فهنا نريد أن ننفي الاقتران بين المقدم ( سماع نعيق الغراب ) وبين التالي ( حصول المصيبة ) ولا علاقة بين انتفاء حصول المصيبة وسماع صوت الغراب، فهذه شرطية متصلة اتفاقية سالبة.
فتلخص أنه في الشرطية الموجبة يحصل اقتران بين المقدم والتالي في اللزومية والاتفاقية معا ولكن الاقتران بينهما في اللزومية لعلاقة وفي الاتفاقية لغير علاقة.
وفي الشرطية السالبة يحصل افتراق بين المقدم والتالي في اللزومية والاتفاقية معا ولكن الافتراق بينهما في اللزومية لعلاقة وفي الاتفاقية لغير علاقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق