قياس المساواة

الجمعة، 9 مايو 2014


( قياس المساواة )

قد علمتَ أن الدليل هو: ما يلزم من العلم به العلم بشيء آخر، وذكرنا أن أول أقسام الدليل هو القياس وهو نوعان اقتراني واستثنائي.

وأما النوع الثاني من أنواع الدليل فهو قياس المساواة.
وقياس المساواة هو: قول مؤلف من قضايا متحدة في المحمول يكون متعلِّقُ محمولِ الأولى موضوعا للثانية.

مثال: زيدٌ أفضلُ مِن عمروٍ- وعمروٌ أفضلُ من سعيدٍ- فزيدٌ أفضلُ من سعيدٍ.
فقولنا: (زيدٌ أفضلُ مِن عمروٍ ) - ( وعمروٌ أفضلُ من سعيدٍ ) هو قياس مساواة لأنه توفر فيه ما يلي:
1- هو قول مؤلف من قضيتين.
2- محمول القضيتين واحد وهو ( أفضل ).
3- المتعلق بمحمول القضية الأولى وهو ( عمرو ) هو نفسه موضوع للقضية الثانية.
وهو بديهي الإنتاج يعلم كل شخص من نفسه ووجدانه صحة تلك النتيجة.

والملاحظ على هذا النوع من الأدلة أن فيه خاصتين هما:
1- لا حد أوسط فيه وهذا أغرب ما في أمره لأنه بما أن متعلق محمول القضيتين مختلف فهذا يعني أنه لا حد أوسط فقولنا ( أفضل من عمرو ) و ( أفضل من سعيد ) المتعلق بمحمول الأول هو عمرو، والمتعلق بمحمول الثانية هو سعيد فلا يوجد حد أوسط، وإنما يوجد بينهما جزء مشترك وهو نفس المحمول مع قطع النظر عن متعلقه، وكذا متعلق محمول الأولى وهو عمرو هو نفسه موضوع القضية الثانية.

2- إنه يعتمد في صدقه على مقدمة خارجية خفية هي التي تسبب صدق قياس المساواة.
وهي في المثال السابق ( الأفضل من الأفضل من شيء أفضل من ذلك الشيء ) ولولا صحة هذه القاعدة لم يصدق القياس.
فبما أن زيدا أفضل من عمرو، وأن عمرا أفضل من سعيد، فيكون زيد أفضل من سعيد.

مثال: أ مساو لـ ب- وب مساو لـ ج- فـ أ مساو لـ جـ.
يلاحظ أن المحمول وهو مساو واحد في القضيتين، وأن متعلق المحمول الأول وهو ب قد صار موضوعا في القضية الثانية، فهو إذاً قياس مساواة.
وصدق ذلك المثال معتمد على قاعدة خارجية وهي ( مساوي المساوي لشيء مساو لذلك الشيء ).

مثال: الساعة موجودة في الحقيبة- والحقيبة موجودة في السيارة- فالساعة موجودة في السيارة.
وإنما صدق لصدق القاعدة المضمرة وهي: ( ظرف الظرف لشيء ظرف لذلك الشيء ).

مثال: الحجر جزء من الغرفة- والغرفة جزء من البيت- فالحجر جزء من البيت.
وإنما صدق لصدق القاعدة المضمرة وهي: ( جزء الجزء من شيء جزء من ذلك الشيء ).

ولأجل أن قياس المساواة معتمد في صدقه على مقدمة خارجة عن القياس لم تذكر فيه لم يصدق المثال الآتي:
مثال: الاثنان نصفُ الأربعةِ- والأربعةُ نصفُ الثمانية- فالاثنان نصفُ الثمانية.
وهي نتيجة كاذبة لأن مقدمتها الخارجية كاذبة وهي: ( نصف النصف من شيء نصف لذلك الشيء ).
بل نصف النصف هو ربع وليس نصفا.

مثال آخر: زيدٌ عدوٌ لبكرٍ- وبكرٌ عدوٌ لسعيدٍ- فزيد عدوٌ لسعيد.
وهي نتيجة كاذبة لأن مقدمتها الخارجية كاذبة وهي: ( عدو العدو عدوٌ )، بل قد يكون عدو العدو صديقا.

تنبيهات:
الأول: هذا القياس يطرد بشكل صادق في أمثلة أفعل التفضيل مثل ( أفضل- أعلم- أكرم- أجمل- أتقى أشجع- أحسن.... ).

الثاني: هذا القياس كما يختلف عن القياس المتعارف عليه ذي الأشكال الأربعة من جهة الحد الأوسط فهو يختلف عنه في أمر أساسي آخر وهو أن القياس المتعارف لا بد أن تكون إحدى مقدمتيه إما الصغرى أو الكبرى كلية ولهذا يقولون: لا ينتج القياس من جزئيتين، وكذلك لا ينتج من قضيتين شخصيتين، بينما في قياس المساواة قد أنتج القياس من قضيتين شخصيتين مثل زيد أفضل من عمرو، وهذه موجبة شخصية لأن موضوعها جزئي وهو زيد، وعمرو أفضل من سعيد، وهذه أيضا مثلها، فزيد أفضل من سعيد، فالنتيجة أيضا شخصية مثل حال المقدمتين.

هناك تعليقان (2)

 

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

قائمة المدونات الإلكترونية

About Me