الأستقراء

الجمعة، 9 مايو 2014


( الاستقراء )

قد علمتَ أن الأدلة أنواع أولها القياس المنطقي الذي ينقسم إلى الاقتراني والاستثنائي، وثانيها قياس المساواة وثالثها التمثيل وهو: إثبات حكم لشيء لوجوده في شيء آخر يشترك معه في علة الحكم.

وأما الدليل الرابع فهو الاستقراء وهو: تتبع الجزئيات للوصول إلى حكم كلي.
مثال: أن يتتبع الناظر الفاعل في كلام العرب فيجد أن الكلمة كلما وقعت فاعلا كانت مرفوعة فيصل إلى حكم كلي وقاعدة عامة هي: ( كل فاعل مرفوع ).

مثال: أن يدخل المعلم الصف فيطلب من زيد أن يقرأ أسماء الطلاب ليعرف الحضور فلما فعل أعلمه بالحكم الكلي النهائي وهو ( كل طلاب الصف حاضرون ).
فالاستقراء في حقيقته يتكون من قضايا كثيرة تتصفح للوصول إلى حكم شامل فالاستقراء في مثالنا السابق يحكم فيه على زيد بأنه حاضر، وعمرو بأنه حاضر، وعلي بأنه حاضر... إلى أن يصل إلى حكم نهائي.

مثال: أن يستقري الفقيه الأحكام الشرعية للمياه فيجدها ثلاثة طهور وطاهر ونجس فيقول المياه ثلاثة أقسام.

والاستقراء مهم جدا في العلوم وبسببه حصلت كثير من الاكتشافات فالكيميائي والفيزيائي والصيدلي وغيرهم يجرون تجارب عديدة ويتتبعون الجزئيات ليستخرجوا في النهاية قواعد في العلوم كأن يقال إن الماء إذا بلغ 100 درجة فإنه يتبخر، وأن كل معدن يتمدد بالحرارة.

وللاستقراء قسمان:
أولا: الاستقراء التام وهو: تتبع جميع الجزئيات لا يخرج منها واحد.
كما في استقراء طلاب الصف، وهذا النوع من الاستقراء يفيد اليقين، ولكنه قليل ولا يجري إلا فيما له جزئيات محدودة.

ثانيا: الاستقراء الناقص وهو: تتبع كثير من الجزيئات لا كلها.
وقد قالوا إنه يفيد الظن لجواز أن تكون الجزئيات التي لم تتصفح تخالف في حكمها للجزئيات المتصفحة.
مثال: أن يتتبع الناظر الحيوانات فيجد أن الإنسان يحرك فكه الأسفل عند المضغ، والأسد والفرس والغزال والحمار وغيرها كذلك فيصل إلى نتيجة هي أن كل حيوان يحرك فكه الأسفل عند المضغ.
ولكن تبين أن هذا الحكم غير تام لأن التمساح يحرك فكه الأعلى عند المضغ، فلذا لا يفيد هذا النوع إلا الظن.

مثال: أن يتتبع الطبيب أفراد الإنسان فيتتبع الألوف فيجد أن قلوبهم في الجهة اليسرى من الجسم، فيحكم بأن كل إنسان يكون قلبه في الجهة اليسرى من جسمه.
ولكن تبين أن هذا الحكم غير تام لأن بعض أفراد الإنسان تكون قلوبهم في الجهة اليمنى من الجسم.

ثم الاستقراء الناقص نوعان:
1- استقراء معلّل.
2- استقراء غير معلّل.

فالاستقراء المعلّل هو: ما يعتمد في تعميم أحكامه على وجود علة في كل جزئياته.
والاستقراء غير المعلل هو: ما لا يعتمد في تعميم أحكامه على وجود علة في كل جزئياته.

مثال: أن يجري العالم اختبارا على الأشياء المشتعلة ويمنع عنها الهواء فلا تشتعل ويكرر الاختبار على أكثر من عينة ثم يصل إلى تعميم الحكم ويخرج بقاعدة هي: ( الأوكسجين سبب الاشتعال وبانقطاعه لا تشتعل المواد ).
فهنا على أي أساس عمم الحكم فهل اختبرت كل المواد المشتعلة وفي كل الظروف حتى يصل إلى هذه النتيجة ؟ الجواب: لا ولكن بما أن العالِم اكتشف العلة وهي الأوكسجين وعلم أن طبيعة الاحتراق والاشتعال واحدة وهي متوقفة على الأوكسجين فإذاً لن تشتعل المواد بدون أوكسجين.
فهذا النوع لا مانع أن يفيد اليقين إذا وقف على العلة وعلم أنها متحققة في كل الجزئيات ولا تختص مادة دون مادة بشيء يمنع تحقق العلة فيها.
وهذا النوع هو أساس العلوم وبه تعمم القواعد.
وعند التأمل في هذا النوع من الاستقراء نجد أنه يعتمد اعتمادا كاملا على التمثيل الذي سبق شرحه.
بيانه:
بعدما يستقري الشخص بعض الأشياء ويعلم أن سبب اتحاد حكمها هو وجود علة ما ويعلم أن الأشياء التي لم يستقريها تتوفر فيها نفس العلة، فيقول: فتلك الأشياء التي لم تستقري مثل الأشياء التي استقريت لاتحادهما في العلة مما يجعل حكمهما واحدا فيعمم حينئذ.
وهذا مما يؤكد أهمية التمثيل وخطأ التقليل من شأنه.

مثال: كل حيوان يحرك فكه الأسفل عند المضغ، فهذا الاستقراء ناقص وهو لم يعتمد على علة يعتمد عليها في تعميم الحكم فلا يفيد إلا الظن، فإن وقفنا على جزئية تخالف ذلك الحكم فستنتقض القاعدة ويعلم أنها خاطئة وأن الصواب أن يقال أكثر الحيوانات تحرك فكها الأسفل عند المضغ.
وإن فرض أنها لم تنتقض فيبقى الاحتمال قائما فلا نظفر بغير الظن.

هناك 4 تعليقات

  1. شكررا معلومات جميلة

    ردحذف
    الردود
    1. اناااااا رفيدة مرااااح هايات 🤧✌🏻

      حذف
    2. انااا من مستقبل ايييي شومي واحد مكومونتي من 2014 يكون ذرك راهوو مزوج وبولادووو 😭

      حذف
    3. Hi قداه عمرك ذرك 🙂

      حذف

 

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

قائمة المدونات الإلكترونية

About Me