القياس الأستثنائي المتصل

الجمعة، 9 مايو 2014


( القياس الاستثنائي المتصل )

قد علمتَ أن القياس قد يكون اقترانيا وهو ما لم تذكر فيه النتيجة أو نقيضها، والاقتراني قد يكون حمليا وقد يكون شرطيا وله أربعة أشكال سبق بيانها. 
وقد يكون القياس استثنائيا وهو: ما ذكرت فيه النتيجة أو نقيضها.
وهو يتركب من مقدمتين تكون الأولى شرطية، وتكون الثانية حملية مصدّرة بلكنّ.
مثال: إن كان هذا الشيء ذهبا فهو معدن- لكنه ذهب- فهو معدنٌ.
فقولنا: (إن كان هذا الشيء ذهبا فهو معدن ) قضية شرطية متصلة تسمى بالكبرى لأن ألفاظها أكثر.
وقولنا: ( لكنه ذهب ) قضية حملية مصدرة بلكن تسمى بالصغرى لأن ألفاظها أقل من المقدمة الشرطية.
وقولنا ( فهو معدن ) نتيجة القياس، وهذه النتيجة قد ذكرت في الشرطية الكبرى ( إن كان هذا الشيء ذهبا فهو معدن ).

مثال: إن كان هذا الشيء ذهبا فهو معدن- لكنه ليس بمعدن- فهو ليس بذهب. 
فهنا النتيجة هي (فهو ليس ذهبا ) قد ذكر نقيضها في الشرطية الكبرى(إن كان هذا الشيء ذهبا فهو معدن )
فقولنا ( هو معدن ) نقيض ( هو ليس بمعدن ).
فهذه هي خاصة القياس الاستثنائي، بينما القياس الاقتراني بأشكاله الأربعة لم تذكر فيه النتيجة ولا نقيضها وإنما تنتزع من المقدمتين، مثل كل ذهب معدن- وكل معدن يتمدد بالحرارة- فكل ذهب يتمدد بالحرارة.

وهنا إشكال وهو: إذا كانت النتيجة مذكورة في القياس الاستثنائي فما فائدة القياس فنحن نقيس لكي نخرج النتيجة فإذا كانت موجودة فما فائدته؟
والجواب هو: إن النتيجة في الشرطية غير محكوم بها بسبب أداة الشرط بل هي معلقة فنحن نقول فيه إذا كان الشيء أ فهو ب، ولم نحكم بالفعل بأن الشيء أ وإنما ذكرنا في الكبرى قضية معلقة تحتاج للجزم والبت ولهذا في الصغرى الحملية نرجع ونجزم بأن الشيء أ فينطبق عليه الحكم وهو ب.

وفكرة القياس الاستثنائي مبنية على التلازم بين المقدم والتالي فتنطبق عليه قواعد التلازم التي سبق ذكرها.
بيانه:
إذا قلنا: إن كان هذا الشيء ذهبا فهو معدن، فقولنا ( هذا الشيء ذهبا ) مقدم، وقولنا ( فهو معدن ) تال وهنا التالي لازم للمقدم، أي أن كون الشيء ذهبا ملزوم، وكونه معدنا لازم.
وفي التلازم أربع قواعد:
1- إثبات الملزوم يقتضي ثبوت اللازم.
2- إثبات اللازم لا يقتضي ثبوت الملزوم.
3- نفي الملزوم لا يقتضي انتفاء اللازم.
4- نفي اللازم يقتضي انتفاء الملزوم.
فإذا كان المقدم ملزوما، والتالي لازما فنحصل على:
1- إثبات المقدم يقتضي ثبوت التالي.
2- إثبات التالي لا يقتضي ثبوت المقدم.
3- نفي المقدم لا يقتضي انتفاء التالي.
4- نفي التالي يقتضي انتفاء المقدم.

مثال: إن كان هذا الشيء ذهبا فهو معدن- لكنه ذهب- فهو معدن.
فهنا أثبتنا المقدم فيلزم ثبوت التالي فهذا ضرب منتج.

مثال: إن كان هذا الشيء ذهبا فهو معدن- لكنه معدن- فلا يلزم أن يكون ذهبا لجواز كونه فضة مثلا.
فهنا أثبتنا التالي فلم يلزم ثبوت المقدم، فهذا ضرب عقيم.
مثال: إن كان هذا الشيء ذهبا فهو معدن- لكنه ليس بذهب- فلا يلزم أن يكون ليس بمعدن لجواز كونه فضة مثلا أي يتحقق المعدن مع غير الذهب فحينما ينتفي الذهب لا يلزم أن ينتفي المعدن.
فهنا نفينا المقدم فلم يلزم انتفاء التالي، فهذا ضرب عقيم.

مثال: إن كان هذا الشيء ذهبا فهو معدن- لكنه ليس بمعدن- فهو ليس بذهب.
فهنا نفينا التالي فيلزم انتفاء المقدم، فهذا ضرب منتج.
فتلخص أن له ضربين منتجين، وضربين عقيمين.

مثال آخر: إذا هطل المطر فالأرض تبتل- لكنه قد هطل- فالأرض تبتل.
أو لكن الأرض لم تبتل- فالمطر لم يهطل.

مثال آخر: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا- لكنهما لم يفسدا- فليس فيهما آلهة إلا الله.
المعنى لو كان في السماء والأرض آله غير الله بأن يكون في الكون أكثر من إله لاقتضى هذا فساد النظام في السماء والأرض واختلالهما بسبب تنازع الآلهة لكن هذا لم يحصل فدل على أنه لا إله إلا الله.
فهنا نفينا التالي فيلزم انتفاء المقدم.

تنبيهات:
الأول: ( لكنّ ) أداة استثناء عند المناطقة سموها كذلك لان الاستثناء في اللغة معناه الرجوع وفي الحملية المصدرة بلكن نرجع إلى الكبرى التي فيها تعليق ونثبت إحدى القضيتين أو ننفيها، وهذا اصطلاح المناطقة أما في النحو فلكن تفيد الاستدراك لا الاستثناء والتي تفيد الاستثناء هي إلا.

الثاني: يشترط في القضية الشرطية المتصلة أن تكون لزومية موجبة، وإلا لم ينتج القياس لأن القياس الاستثنائي مبني على اللزوم بين طرفي القضية الشرطية، والشرطية الاتفاقية لا لزوم فيها كما قد مر.
وأيضا لو كانت سالبة لم تنتج لأن الإنتاج بسبب اللزوم والسالبة تنفي اللزوم كما هو واضح.

هناك 3 تعليقات

 

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

قائمة المدونات الإلكترونية

About Me