أقسام الشرطية المنفصلة

الجمعة، 9 مايو 2014


( أقسام الشرطية المنفصلة )

قد علمتَ أن الشرطية متصلة، ومنفصلة، وأن المنفصلة هي: ما حكم فيها بالتنافي بين قضيتين أو عدم التنافي بينهما.
ثم إن المنفصلة ثلاثة أقسام:
1- مانعة جمع وخلو.
2- مانعة جمع فقط.
3- مانعة خلو فقط.

فمانعة الجمع والخلو هي: ما يمتنع فيها اجتماع طرفيها وارتفاعهما معا، أو يمكن ذلك.
فقولنا (ما يمتنع فيها اجتماع طرفيها وارتفاعهما معا ) هذا تعريف مانعة الجمع والخلو الموجبة.
وقولنا ( أو يمكن ذلك ) أي يجوز أن يجتمعا ويجوز أن يرتفعا وهذا تعريف مانعة الجمع والخلو السالبة فمفهوم السالبة بالضد من مفهوم الموجبة.

مثال مانعة الجمع والخلو الموجبة: إما أن يكون العدد زوجا أو فردا.
فطرفاها هما المقدم ( العدد زوج ) والتالي وهو ( العدد فرد )، وهما لا يجتمعان فيستحيل أن يكون العدد الواحد زوجا وفردا معا، ولا يرتفعان أي لا يخلو العدد منهما فيستحيل أن يوجد عدد وهو ليس بزوج أو فرد.

مثال آخر: إما أن يكون الشيء موجودا أو معدوما.
فيستحيل أن يتصف الشيء بالوجود والعدم معا، ويستحيل أن يخلو الشيء من الوجود والعدم بل الشيء إما أن يتصف بالوجود فقط، أو بالعدم فقط.
فهي قضية شرطية منفصلة مانعة جمع وخلو موجبة.

مثال آخر: الإنسان إما مؤمن أو كافر.
فيستحيل أن يجتمعا فيكون الإنسان مؤمنا وكافرا معا، ويستحيل أن يرتفعا فيكون الإنسان لا مؤمنا ولا كافرا.
فهي قضية شرطية منفصلة مانعة جمع وخلو موجبة.

ومثال مانعة الجمع والخلو السالبة: ليس إما أن يكون العدد زوجا أو منقسما بمتساويين.
فالعدد الواحد يمكن أن يجتمع فيه الزوجية والانقسام بمتساويين لأنه في الحقيقة الانقسام بمتساويين صفة العدد الزوجي، ويمكن أن يرتفع العدد عنهما بأن يكون فردا.

مثال: ليس إما أن يكون الإنسان مؤمنا أو صائما.
فيجتمعان في المؤمن الصائم، ويرتفعان في الكافر غير الصائم.
فهي قضية شرطية منفصلة مانعة جمع وخلو سالبة.

ومانعة الجمع فقط هي: ما يمتنع فيها اجتماع طرفيها ويجوز ارتفاعهما، أو يمكن العكس.
ومعنى ( يمكن العكس ) أي يجوز اجتماع طرفيها ويمتنع ارتفاعهما وذلك في السالبة لأنها بالضد من الموجبة.

مثال مانعة الجمع الموجبة: إما أن يكون الجسم أبيض أو أسود.
فيستحيل اجتماعهما بأن يكون الجسم أبيض وأسود معا، ويجوز ارتفاعهما كأن يكون أحمر.

مثال آخر: إما أن يكون هذا الشيء شجرا أو حجرا.
فيستحيل اجتماعهما بأن يكون شجرا وحجرا معا، ويجوز ارتفاعهما كأن يكون حيوانا.

مثال آخر: الصلاة إما أن تكون واجبة أو مستحبة.
فيستحيل اجتماعهما بأن تكون الصلاة واجبة ومستحبة معا، ويجوز ارتفاعهما كأن تكون الصلاة محرمة كما في أوقات النهي.

ومثال مانعة الجمع السالبة: ليس إما أن يكون الجسم غير أبيض أو غير أسود.
فهنا طرفان ( غير الأبيض ) و ( غير الأسود ) وهما يجتمعان معا كما في الأحمر فإنه غير أبيض وغير أسود ولكن يستحيل أن يرتفعا معا؛ لأن عبارة غير الأبيض تشمل كل الألوان عدا الأبيض، فإذا ارتفع فمعناه ارتفاع كل الألوان عدا الأبيض، وعبارة غير الأسود تشمل كل الألوان عدا الأسود، فإذا ارتفع فمعناه ارتفاع كل الألوان عدا الأسود، فإذا جوزنا ارتفاعهما معا فقد جوزنا ارتفاع كل الألوان ويكون الجسم غير متلون بأي لون وهذا محال.

مثال آخر: ليس إما أن تكون الصلاة غير واجبة أو غير مستحبة.
فيجوز اجتماعهما كما في الصلاة المحرمة فإنها غير واجبة وغير مستحبة، ويستحيل ارتفاعهما معا؛ لأن عبارة غير واجبة تشمل كل الأحكام عدا الوجوب، وعبارة غير مستحبة تشمل كل الأحكام عدا الاستحباب فإذا رفعناهما معا فمعناه خلو الصلاة من أي حكم شرعي وهذا مستحيل في الشرع.

ومانعة الخلو فقط هي: ما يمتنع فيها ارتفاع طرفيها ويجوز اجتماعهما، أو يمكن العكس.
ومعنى ( يمكن العكس ) أي يجوز ارتفاع طرفيها ويمتنع اجتماعهما وذلك في السالبة لأنها بالضد من الموجبة.

مثال مانعة الخلو الموجبة: الجسم إما أن يكون غير أبيض أو غير أسود.
فيجوز اجتماعهما كما في الأحمر ويمتنع ارتفاعهما كما بيناه قبل قليل في مانعة الجمع السالبة.

مثال آخر: إما أن يكون هذا الشيء لا شجرا أو لا حجرا.
فيجوز اجتماعهما كأن يكون هذا الشيء حيوانا، ويمتنع ارتفاعهما؛ لأن عبارة ( لا شجر ) تشمل كل شيء عدا الشجر، وعبارة ( لا حجر ) تشمل كل شيء عدا الحجر فإذا جوزنا ارتفاعهما فمعناه أن يخلو هذا الشيء من أي شيء يمكن أن يسمى به فلا هو شجر ولا حجر ولا حيوان ولا جماد ولا أي شيء وهذا محال.

مثال: المؤمن إما أن يجد جزاء طاعته في الدنيا أو يجدها في الآخرة.
فيجوز أن يجتمعا فيجد جزاء طاعته في الدنيا وفي الآخرة، ولكن يمتنع في الشرع أن لا يجد جزاء طاعته لا في الدنيا ولا في الآخرة.

ومثال مانعة الخلو السالبة: ليس إما أن يكون الجسم أبيض أو أسود.
فيستحيل اجتماعهما بأن يكون الجسم أبيض وأسود معا، ويجوز ارتفاعهما كأن يكون أحمر.

مثال آخر: ليست الصلاة إما أن تكون واجبة أو مستحبة.
فيستحيل اجتماعهما بأن تكون الصلاة واجبة ومستحبة معا، ويجوز ارتفاعهما كأن تكون محرمة.

فتلخص أن حالات المنفصلة ست:
1- ( لا يجتمعان ولا يرتفعان ) مانعة جمع وخلو موجبة.
2- ( يجتمعان ويرتفعان ) مانعة جمع وخلو سالبة.
3- ( لا يجتمعان ويرتفعان ) مانعة جمع موجبة.
4- ( يجتمعان ولا يرتفعان ) مانعة جمع سالبة.
5- ( يجتمعان ولا يرتفعان ) مانعة خلو موجبة.
6- ( لا يجتمعان ويرتفعان ) مانعة خلو سالبة.

تنبيهان:
الأول: ظهر مما سبق أن الفرق بين الحالة الثالثة ( مانعة الجمع الموجبة ) والحالة السادسة ( مانعة الخلو السالبة ) هو في الإيجاب والسلب ولذا فيمكن التمثيل بنفس المثال في الحالتين الأول لا يحوي ليس والثاني فيه ليس.
مثل الجسم إما أبيض أو أسود لمانعة الجمع الموجبة، وليس إما أن يكون الجسم أبيض أو أسود لمانعة الخلو السالبة.
وكذا ظهر أن الفرق بين الحالة الرابعة ( مانعة الجمع السالبة ) والحالة الخامسة ( مانعة الخلو الموجبة ) هو في الإيجاب والسلب ولذا يمكن التمثيل بنفس المثال في الحالتين الأول يحوي ليس والثاني خال منها.
مثل ليس إما أن يكون الجسم غير أبيض أو غير أسود، والجسم إما أن يكون غير أبيض أو غير أسود. تأمل.

الثاني: ظهر أيضا أن مناسبة التسمية تظهر في الموجبة فقط فمانعة الجمع والخلو الموجبة يتحقق فيها منع الجمع والخلو، بينما مانعة الجمع والخلو السالبة بالعكس لا يوجد فيها منع جمع ولا منع خلو ولو أردنا أن نسميها باسم يناسبها لقلنا مجيزة الجمع والخلو وكذا قل في البقية.
وهذا أيضا ينطبق على غير هذا الموضع مثل تسمية القضية بالحملية أي يحمل فيها شيء على شيء كما في زيد قائم، ولكن السالبة يوجد فيها سلب الحمل لا الحمل كما في زيد ليس بقائم.

هناك تعليق واحد

  1. شرح مبسط وغني بالامثلة … شكرا لكم

    ردحذف

 

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

قائمة المدونات الإلكترونية

About Me