الخطابة الجدل

السبت، 10 مايو 2014


( الخطابة- الجدل )

قد علمتَ أن مِن مواد القياس المظنونات وهي: قضايا يحكم بها العقل حكما راجحا مع تجويز الطرف الثاني، والمشهورات وهي: قضايا اتفقت عليها آراء الناس جميعا، أو بعضهم، والمسلمات وهي: قضايا يسلم بها الخصم، والمقبولات وهي: قضايا تؤخذ ممن يوثق برأيه.

والقياس إذا تألف من المظنونات أو المقبولات فيسمى خطابة.
وإذا تألف من المشهورات أو المسلمات فيسمى جدلا.
وذلك لأن الخطابة موجهة لعموم وجماهير الناس وأكثرهم لا يطيقون البراهين فيلجأ إلى إقناعهم باستعمال المقبولات أو المظنونات.
وكلما كان الخطيب مفوها يحسن أساليب التأثير في الناس وإقناعهم كلما عظم تأثيره في الناس وكان داعية ناجحا.

مثال: أن يقول الخطيب : أيها الناس إن فلانة ظهر من سلوكها كذا وكذا فهي زانية لأن كل من تفعل كذلك فهي زانية، فهنا استعمل المظنونات.

مثال: أن يقول عليكم بصلة الأرحام فإنها تزيد الرزق وتطيل العمر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من سره أن يبسط له في رزقه ويُنْسَأ له في أثرِه فليصل رحمه). رواه البخاري ومسلم، ومعنى ينسأ له في أثره أي يؤخر له في عمره، وهنا استعمل الخطيب كلام من يقبل المستمعون قوله وهو النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما القياس الجدلي فلأن الغرض منه إفحام الخصم فيستعمل معه قضايا مشهورة بين الناس والخصم يسلمها، أو غير مشهورة ولكنها مسلمة عنده.

مثال: اشتهر بين النحاة قضية وهي من علامات الاسم دخول حرف الجر فيحتج عليهم شخص بأنه ما دام كذلك فتكون بئس من الأسماء لا من الأفعال لأنه قد ورد عن العرب نعم السير على بئس العير.
ولا يخفى أن هذه القضية يصح اعتبارها من المشهورات بين النحاة ومن المسلمات عند الخصم.

والفرق بين الخطابة والجدل في أمرين:
الأول: في مادة القياس فإن مادته في الخطابة المقبولات والمظنونات وفي الجدل المشهورات والمسلمات.
الثاني: في الغرض منهما فإن الغرض من الخطابة هو إقناع الجمهور من الناس، والغرض من الجدل إفحام الخصم وإن لم يقتنع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

قائمة المدونات الإلكترونية

About Me